خلال الاعوام الأخيرة، انضم العديد من الشباب العربي إلى صفوف وحدات حماية الشعب (YPG) التي تمت تأسيسها بقيادة الكرد, حيث وجد العرب اللذين لم يقبلوا النهج المناهض للديمقراطية الذي ينتهجه النظام السوري وعصابات الجيش الحر وجبهة النصرة وداعش, في وحدات حماية الشعب والإدارة الذاتية مصدر أمل لهم.
يعد روجهات آكر احد الشباب العربي الذي انضم لصفوف وحدات حماية الشعب. قبل عام 2011، تعرضت عشيرة آكر عكيداتي في قرى مدينة حماه، لضغوطات من قبل النظام السوري بسبب رغبتها بالعيش وفقاً لعاداتها وتقاليدها. مع وخلال الحرب الأهلية في سورية، تسيطر الجماعات الارهابية من جيش الحر، جبهة النصرة وتنظيم داعش الارهابي على القرى المحيطة بمدينة حماه. وبسبب التهديدات والضغوطات التي كانت تفرضها هذه الجماعات اضطرت عائلة آكر للفرار والنزوح الى مدينة الحسكة، وفيها يتعرف على وحدات حماية الشعب YPG, وبات له 5 اعوام ضمن صفوفها.
ودعا المقاتل روجهات آكر الشعب العربي وخاصة الشعب السوري ، وقال: "إن الدول التي تمتلك السيادة , تخشى من الإدارة الذاتية ووحدات حماية الشعب, هناك هجمات إبادة جماعية واعتداءات سياسية على وحدات حماية الشعب والإدارة الذاتية, علينا تعزيز وحدتنا وحماية بلدنا وحياتنا من الهجمات ".
أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت روجهات آكر للانضمام إلى وحدات حماية الشعب, هي فترة حكم النظام على حماة, حيث تحدث روجهات آكرعن الضغوطات التي كانت تمارسها الدولة تجاه عشيرتهم , وقال: "كان النظام السوري يتحكم بحياتنا من جميع النواحي, ومارست ضغطا كبيرا على القبائل التي تعيش وفقاً لعاداتها وتقاليدها وثقافتها، كان يهدف لقمع الشعب كي يعيشوا وفقاً لنظامه وثقافته, كان من الصعب على المجتمعات الطبيعية والقبلية قبول تدخل النظام السوري هذا, لقد كانت عشيرتنا تعتمد على ثقافتها, لم تكن عشيرتنا تعاني من الضغوطات والقمع فقط، بل كانت العشائر الاخرى تعامي الامر ذاته.
سأعطي مثالا صغيرا, في القرية كنا نعيش بشكل طبيعي, الجميع يعلم بحياة القرية, كنا نصنع خبزنا بأنفسنا, وكان النظام السوري يتدخل في هذا الشأن, بدأوا يصنعون الخبز ويرسلونه إلينا, نحن لم نقبل هذا, لقد حاولوا عدة مرات تدمير ثقافتنا, كان هناك خلاف بين النظام والقبائل عندما تم إرسال الخبز للشعب, في كل مرة كنا نتصدى لقمعه من أجل مواصلة حياتنا الطبيعية, بالطبع كان هذا الوضع صعباً على العشيرة , كنا عشيرة صغيرة ولم يكن من السهل الانتفاض ضد قوات الدولة .
وقال روجهات آكر إن شعب حماه اتخذ موقفاً ضد النظام منذ المجزرة الذي ارتكبها حافظ الاسد ضد شعب حماه عام 1982، وأوضح أنه عندما بدأت الثورة السورية ، بقت الدولة متمركزة في المراكز المهمة داخل المدنية، ومع مرور الوقت، تمت احتلال قراهم من قبل عصابات الجيش الحرة وجبهة النصرة وداعش.
كما اكد آكر بأن هذه العصابات زادت من ضغوطها على الأهالي بمرور الوقت وقد عاش الناس معهم في صراعات خطيرة , وقال: "هناك الكثير من أهالي يعيشون في حماه, لم يكن يقبل أحد النظام سوى بعض المؤيدين والطائفة العلوية. على سبيل المثال الطائفة الدرزية اتخذت موقفاً بسبب المجازر والمواقف الغير الديمقراطية, ففي عام 2011 عندما بدأت الثورة السورية أحدثت الضجة وحماس في منطقتنا, وفي عام 2012 في بعض مناطق حماة ، سيطر الجيش الحر هو على بعض القرى المحيطة بمدينة حماه ومن ضمنها قريتنا.
كانوا يحاولون في البداية إقناع المجتمع , ثم تغيرت السياسة تدريجياً , ففي عام 2013 وصلت عصابات جبهة النصرة إلى منطقتنا، وحكمت لبضعة أشهر. من ثم جاء إرهابيو داعش. طبعا لم تكن هناك حرب بين داعش وجبهة النصرة, حيث تم إخلاءها وتسليمها لداعش, لم يتفق ابناء المنطقة مع النظام ، ولم يتفقوا مع هذه العصابات التي فرضت سياساتها على الشعب".
لقد فر روجهات آكر وعائلته من مدينة حماه إلى منطقة حسكة بسبب الضغوط التي كان يمارسها تنظيم داعش الارهابي عليهم, حيث أكد بان عمه قد اعدم على يد عصابات داعش في حماة، كما أن والدته تعرضت للتهديد بالقتل، وقال: " كان تنظيم داعش الارهابي متشدد من الناحية الدينية, كانت ضغوطاتهم على الأهالي شديدة, لقد قُتلوا الكثير من الناس لعدم السير وفقاً لقواعدهم, لم يقبلهم أحد لكن الجميع كانوا خائفين منهم.
وعلى وجه الخصوص منطقتنا، فإن عشيرتنا لم تتعاون مع النظام السوري، كما انها لم تتعاون مع تنظيم داعش الارهابي. كان هذا التنظيم الوحشي يعدم الناس بتهم مختلفة. حيث زرع الرعب بين الشعب بسبب بطشه وجرائمه الوحشية والخارجة عن نطاق الانسانية والضمير, لهذا السبب تركنا حماة. كانت والدتي مريضة واضطررنا لنقلها الى مشفى المدينة حيث تواجد النظام السوري هناك بسبب عم توفر مشافي في القرية, لذلك عندما سمعوا أن والدتي ذهبت إلى المستشفى اصدروا حكما بقتلها. قبل ذلك قُتل عمي للسبب ذاته. أجبر داعش الناس على عدم الذهاب إلى مستشفى المدينة بل الذهاب إلى المستشفى في مدينة الرقة التي كانت تحت سيطرتهم. لقد غادرنا من مينة حماه عندما أمروا بقتل والدتي".
انتقل آكر وعائلته إلى حسكة في 2014 ، وهناك كانوا يتلقون تهديديات من تنظيم داعش الارهابي, وقال روجهات أكر عن نضال وحدات حماية الشعب في حسكة ضد عصابات داعش والذي شهدها للمرة الاولى: "جئنا من مينة حماه الى مينة الحسكة, لقد بقينا ببيت اقاربنا الواقع في المنطقة التي يسيطر غليها النظام السوري. لكننا انتقلنا منها بسبب الهجمات التي شنتها داعش. لم يقاوم النظام السوري ضد داعش. كانت عصابات داعش تنتشر بسرعة كبيرة, لقد سيطرت هذه العصابات على ثلث الحسكة, في ذلك الوقت لم نكن نعرف وحدات حماية الشعب, لكن خلال الهجوم تدخلت وحدات حماية الشعب ودافعت عن المنطقة, كما دافع بعض جنود النظام عن أنفسهم ضد داعش.
لقد تعرف والدي على الرفاق في قوى الامن الداخلي عبر رفاق له وانضم الى صفوفها، وشارك في معارك الحسكة، وتعرفنا على الكرد وقوى الامن الداخلي ووحدات حماية الشعب تدريجياً, سألت والدي حينها: "هؤلاء مقاتلون كرد، كيف تنضم اليهم؟ قال والدي: إن الجميع يقاتلون معاً ويحترمون بعضهم البعض, لم أكن مقتنعاً لكن قتال وحدات حماية الشعب ضد داعش كان له تأثير كبير على شخصي".
الكل يقاتلون تحت سقف وحدات حماية الشعب
روجهات آكر، والذي تعرف على وحدات حماية الشعب في نهاية حملة تحرير منبج، شارك في تحرير ’عاصمة ’ داعش الرقة, وأكد إنه تعرف على وحدات حماية الشعب والإدارة الذاتية بشكل أفضل بعد الانخراط في صفوفهم، وقال: " لقد تفاجأتُ عندما انضممتُ اليهم، كان العرب والكرد والسريان وغيرهم من المكونات يقاتلون في صف واحد.
لقد خضنا جميعاً نضالا لا مثيل له في حملة تحرير الرقة, أصبحت وحدات حماية الشعب أمل الشعوب بعد قضائها على اكبر تنظيم ارهابي الا وهو تنظيم داعش الارهابي, رأينا أن وحدات حماية الشعب والإدارة الذاتية ليستا مثل النظام السوري الذي ينادي بلغة وثقافة واحدة، لأنها لا تقبل هويات مختلفة. لكننا وجدنا ضمن صفوف وحدات حماية الشعب تنوع في الثقافات, حيث يمكن لأي شخص أن يعيش وفقاً لثقافته, وفي مناطق الادارة الذاتية يمكن للجميع التعلم بلغتهم الخاصة، وهذا ما جعلها أملاً لجميع المكونات والطوائف".
أكد روجهات آكر إن وحدات حماية الشعب تناضل من أجل نظام ديمقراطي الادارة الذاتية تكافح كي تعيش الشعوب حياة متساوية وحرة، وهذا ما شكل املا للشعوب، وخاصة الشعب العربي، مشيراً إلى أن النظام السوري يرى هذه تهديدا لوجوده، لهذا يشن هجمات إبادة جماعية وسياسية ضد وحدات حماية الشعب والإدارة الذاتية, وقال : " الذين انضموا إلى وحدات حماية الشعب هم أناس من هذه المناطق وهم فقراء, والنهج الديمقراطي والحياة المشتركة التي تدعوا اليها الادارة الذاتية تشكل تهديدا للدول ذات السيادة, ويعدونها نهاية لسيادتهم, لكن انضم العديد من المكون العربي الى صفوف وحدات حماية الشعب بعد تحرير كل من منبج، الرقة، الطبقة ودير الزور.
لقد زادت الإدارة الذاتية ووحدات حماية الشعب، روابط التلاحم المكون العربي والكردي, أنا عربي تعلمت اللغة الكردية لمدة شهرين بعد الانضمام إلى وحدات حماية الشعب, شعور جميل لأنه لم يجبرني أحد. أردت أن أعرف لغة هؤلاء الأصدقاء الذين كنا نقاتل مع بعضنا ضد الأرهابيين, إنه شعور رائع حقاً.
نحن، القوى المحبة للحرية والمحبة للسلام، يجب أن نتحد ضد هجوم الإبادة الجماعية للدول الذات السيادة, إن لم نعزز وحدتنا فلن نكون قادرين على الدفاع عن بلادنا ضد الهجمات والمخططات القذرة الي تهدد منطقتنا".